روح الصلاة

بَدِيعيـّات ..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ(رُوح الصَّلاة ...)ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



اعلم - رحمك الله - أنّ رُوح الصّلاة في الخشوع وحُضور القلب، فإنّ الصَلاة تشتمل على أذكار ومُناجاة وأفعال، ومع عَدم حُضور القلب لا يحصل المقصود بالأذكار والمناجاة، لأن النّطق إذا لم يُعرِبُ عمّا في الضمير كان بمنزلة الهذيان.

ومعنى حضور القلب أن يُفرّغه من كلّ ما قد يشغله ويَصرِفُ همّه إلى الصّلاة فقط، وهو أشدّ ما يكون على من تَشَعَّبت به الهموم في أودية الدّنيا، فعليه أن يَرُدَّ النفس قهراً إلى ما يشغله في الصلاة عن غيرها، ويَسْتَعدّ لذلك قبل الدخول فيها، بأن يقضى أشغاله، ويجتهد في تفريغ قلبه، ويُجدّد على نفسه ذِكْر الآخرة وخَطَر القيام بين يدي الله عز وجل وهَوْل المَطْلَع، فإن لم تَسْكُن الأفكار بذلك، فَلْيَعلم أنّ الدّنيا قد تَربّعت على قلبه، وعليه قَطْع جُذورها‏.‏

فإن العلّة متى تمكنت لا ينفعها إلا الدواء القوي، والعلّة إذا قويت جاذَبَت المُصلّى وجاذبها إلى أن تنقضي الصلاة في المُجاذبة، ومَثَلُ ذلك كمثل رجلٍ تحت شجرة أراد أن يصفو له فكره، وكانت أصوات العصافير تُشَوّش عليه وفي يده خشبة يُطَيّرها بها، فما يَستقرّ فكره حتى تعود العصافير فيشتغل بها، فقيل له‏:‏ هذا شئ لا ينقطع، فإن أردت الخلاص فاقطع الشجرة، فكذلك شجرة الشّهوة إذا عَلَت وتَفَرَّقت أغصانها انجذبت إليها الأفكار، كانجذاب العَصَافير إلى الأشجار، والذّباب إلى الأقذار، فذهب العمر النفيس في دفع ما لا يندفع.

كَانَ ابن الزّبير رضي الله عنهما إذا قام في الصلاة كأنّه عودٌ من الخشوع، وكان يسجد فتنزل العصافير على ظهره لا تحسبه إلا جِذْع حائط.

وقال ميمون بن مهران:‏ ما رأيتُ مُسلم ين يسار مُلْتفتاً في صلاة قط، ولقد انهدمت ناحية من المسجد ففزع أهل السوق لهدّتها، وإنّه لَفِي المسجد يُصلّى فما التفت.

وكان علي بن الحسن رضي الله عنهما إذا توضأ اصفرّ لونه، فقيل له‏:‏ ما هذا الذي يعتادك عند الوضوء ‏؟‏ فقال‏:‏ ويحكم ! أتدرون بين يدي من أريد أن أقوم‎ ‏؟!‏

وقيل لعامر بن عبد قيس رحمه الله:‏ هل تحدثك نفسك بشيء من أمور الدنيا في الصلاة ‏؟‏ فقال‏:‏ لأن تختلف الأسنّةُ فيّ، أحبُّ إلي من أجد هذا‏.‏

وقد رُوِيَ عن زرارة بن أبى أوفي رضي الله عنه أنّه قَرَأ في صلاته:‏ ‏{‏ فإذا نُقِرَ في النّاقُور‏}‏ ‏[‏المدثر‏:‏8‏]‏ فخرّ ميتاً، وما ذاك إلا لأنه صور تلك الحال فأثرت فيه حتى هلك.‏

واعلم‏:‏ أنّ قَطْعَ حُبّ الدّنيا من القلب أمرٌ صَعْب، وزَوالُه بالكليّة عزيز، فَلْيَقَعِ الاجتهادُ في الممكن منه، وذلك يتَوَلّد من شيئين ‏:‏ معرفة جلال الله تعالى وعظمته، ومعرفة حقارة النفس وذُلّها وحاجتها إلى بارئها وأنها مُستعبدةٌ مرهونةٌ .. تَبْغي فِكَاك نفسها من النار، والله الموفق والمعين‏.

آخِرُ الْكَلَام .. فُرْصَةٌ لا تُعَوّض:

قالَ رَسُول الله صَلّى الله عليه وسلم: (إنّ صَاحِبَ الشّمال لَيَرْفَعُ القلم سِتّ سَاعاتٍ عَنِ العَبْد المُسْلم المُخطئ، فإن نَدِمَ واسْتَغْفَرَ مِنْها ألقاها، وإلّا كُتِبَت وَاحِدة) .
وفي رواية: (صَاحِبُ الَيمِين أمِينٌ عَلَى صَاحِبِ الشّمال، فإذا عَمِلَ العبدُ حَسَنَةً أثْبَتَها، وإذا عَمِلَ سَيْئَةً قَالَ لَهُ صَاحِبُ الَيمِين: امْكُث سِتّ سَاعَاتٍ، فإن اسْتَغْفَرَ لم يَكْتُب عليه، وإلا أثْبَتَ عليه سَيّئة). رواه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 8 / 158 وصححه الشيخ الألباني في " صحيح الجامع " ( 2 / 212 ) .


أعتذر من السادة الزوار لمواضيعى لعدم تنسيقها لظروف خارجة عن الارادة

جزاك الله خيرآ .
وجعلك الله ناصحآ أمينآ على هذا المنتدى كما عهدنا بك دائمآ .
ولو أنني أوتيت كل بلاغة ****** وأفنيت بحر النطق في النظم والنثر
لما كنت بعد القول إلا مقصرا ***** ومعترفا بالعجز عن واجب الشكر

مشكووور....

جزاك الله خيرآ .
مشكووور