لأصطلحن انا وابن عمى عليك يا لعين

لأصْطَلِحنّ أنا وابنُ عَمّي عَلَيْكَ يا لَعِين ..!

من المعلوم في ديننا الإسلامي الحنيف أن من ترك شيئا لله عز وجل عوضه الله شيئاً خيراً منه، وهي قاعدة عظيمة تشحذ الهمم وتحثّ على الزهد في الدنيا وطلب الآخرة، وعلى البذل والإيثار في سبيل الله طلباً لثوابه مع اليقين بأن ما يبذله العبد في هذه الدنيا سيعطيه الله خيراً منه ولا شك.

ويُشتقّ من هذه القاعدة الربانية أن من ترك الانتقام والتشفي مع قدرته على ذلك، عوّضه الله انشراحاً في الصدر، وفرحاً في القلب؛ ففي العفو والتسامح من الطمأنينة والسكينة والحلاوة وشرف النفس، وعزها، وترفّعها ما ليس شيء منه في الحقد والغلّ والانتقام.

وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم:

" ما زاد الله عبداً بعفوٍ إلا عزّا ".

هذا مع ما ينتظره من الأجر والكرامة بين يدي الله تعالى يوم القيامة كما في الحديث الشريف:

" من كظم غيظاً وهو قادرٌ على أن ينفذه دعاه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة حتى يخيّره من الحور العين ما يشاء".

فهلا عفونا عمن ظلمنا .. فلعلّ في عفونا سببٌ لرحمة الله ورضوانه علينا وعلوّ منزلتنا في الدنيا والآخرة ..

ولله درّ القائل:

" ليس الحليم من ظُلم فَحَلم، حتى إذا قدر انتقم، ولكن الحليم من ظُلم فَحَلم حتى إذا قدر عفا " .

***

أتي عبد الملك بن مروان بأسارى ابن الأشعث (وكان قد خرج على الدولة الأموية وحدثت بسببه فتنة ومقتلة عظيمة) فقال لرجاء بن حيوة : ماذا ترى ؟

قال: إن الله تعالى قد أعطاك ما تحبّ من الظّفر فأعط الله ما يحبّ من العفو .. فعفا عنهم.

أين نحن أحبتي من هذا التسامح الرفيع الذي لا يتقنه إلا الأصفياء الأتقياء الأنقياء الذين لا غلّ فيهم ولا بغض ولا حسد ..

قد يقول البعض إن فلان لا يستحق العفو..!

فنقول نحن نتعامل مع الله ولا ننسى إننا نقدم أولاً الخير لأنفسنا ولما فيه مصلحة الأمة قبل أن يكون للناس ..

ولا ريب أن هذا التسامح والعفو يتأكد عند الأزمات وتكالب الأعداء علينا ..

كلنا يعلم ما حدث بين معاوية بن أبي سفيان وبين علي بن أبي طالب رضي الله عنهما .. من الفتنة والاقتتال الشديد .

لكن التاريخ يسجل لمعاوية رضي الله عنه بأحرف من نور موقفاً مشرفاً يدلّ على إخلاصه لدينه وأمته وإنكاره لنفسه ولمصلحته الشخصية في سبيل مصالح الأمة العليا ..

ففي معركة صفين، وتحت وهج الأسنة والرماح وفي ظلال السيوف الملتهبة ووسط الدماء التي أريقت ..

يصل إليه الخبر بأن ملك الروم يتحرش في ثغور المسلمين حتى أوشك على اقتحامها ؛ مستغلاً بذلك الخلاف والاقتتال..

فكتب إليه معاوية رضي الله عنه:

" والله لئن لم تنته وترجع إلى بلادك يا لعين! لأصطلحنّ أنا وابن عمي عليك، ولأخرجنك من جميع بلادك، ولأضيقن عليك الأرض بما رحبت" .

فعند ذلك خاف ملك الروم وانكفّ، وبعث يطلب الهدنة.

إنه الإخلاص العظيم والوعي التام بالعدو الحقيقي لهذه الأمة .. مهما انشغلنا بخلافاتنا واحتدم الصراع فيما بيننا فلن يكون ذلك أبداً على حساب معركتنا الأولى والأهم .

هكذا كان التوحد في زمن الفرقة عاملاً مهماً من عوامل الثبات، وأكبر خطر يهدد الأعداء ..

حتى أن مجرد التهديد بالتوحد أفزع ملك الروم ودحره وأخزاه .. فكيف إذا تحقق هذا التوحد في القلوب وفي الصفوف !

أحبتي ..

لماذا لا نسمو على جراحنا وآهاتنا .. وننكر ذواتنا .. ونغلب المصالح العليا على حساب المصالح الشخصية والحزبية والمكاسب اللحظية ..

هلاّ قطعنا دابر الفتنة ولعنّا بلسان حالنا ومقالنا وأفعالنا من أيقظها ..

احسنت ياستاذى ومشكور
اللهم اجعله فى ميزان حسناتك

» ((توبوا إلى الله)) هل ستبكي عليك الأرض و السماوات
» هل تسيطر عليك الشهوات ؟
» كيف كانت سنة 2010 عليك ؟
» أنتظر !! عليك أمانة هل أديتها
» كذبوا عليك فقالوا هذه صورة قبر الرسول من الداخل ..أرجو الدخول للأهمية